ثورة الحراك: ثورة السيادة – الجزء الأول – تجليات ”الدافع الأول“ نحو السيادة و تطور دلالات شعاراته
ستة أسابيع من الضغط الشعبي وما زامنه من صراعات بين أقطاب نظام متناحرة ساقها الشعب لتناحر أشدّ، كانت كافية للاطاحة ببوتفليقة ونبذ بعض حاشيته. ونحن على مشارف الأسبوع الثامن، أصبح جليا اليوم لكل ذي حجر في الداخل والخارج أن حراك الشعب الجزائري حراك بناء وعي جماعي جديد لاسترداد سيادة الشعب وفعاليته في التاريخ. كما أنه من الواضح أن سقوط بوتفليقة وتعيين رئيس للدولة بهذه الكيفية يمثل منعرجا حاسما في حياة هذا الحراك يستوجب تغيرا نوعيا في طبيعة وأساليب النضال من أجل استكمال وتثبيت سيادة الشعب.
وسيتزايد مع هذا التغير النوعي مقترحات حلول وتركيز على تفاصيل إجرائية مصيرية في مسار الحارك الشعبي بما في ذلك النظر في طبيعة النضال وسبله وجدوى التشبث بالقانونية الدستورية في التدافع ودور الجيش في الأشواط القادمة منه.
وفي خضم هذه التحوالات الحاسمة، أرى من الواجب أخذ خطوة إلى الوراء لإلقاء نظرة تقييمية على الدافع الأساسي للحراك، باعتباره حراكا نحو استرداد السيادة، وذلك بتتبع تجليات هذا الدافع ودلالاته ثم التأمل في شروط تحققه في خضم طبيعة الرهان الذي نحن بصدده. بعبارة أدق، إذا خرج الملايين لاستعادة سيادة أساسها الكرامة و الحرية، فكيف تجلت هذه المفاهيم و المعاني في الحراك و في شعاراته؟ و ما هي سبل تحققها في الواقع باعتبار الظرف التاريخي الذي نجد أنفسنا فيه؟
أنطلق محاولا الإجابة عن هذه التساؤلات التي أراها مهمة في هذه المحطة من حراك الشعب، من مسلمتين أساسيتين: ١) أن الجماهير التي خرجت للشارع خرجت فعلا لاسترداد سيادتها و كرامتها بالتعبير عن إرادتها، ٢) أن من سلبها تلك المعاني الإنسانية ويسعى لمواصلة اخضاع الشعب، صرْح يتجاوز النظام القائم بأقطابه المتصارعة ليشمل نظاما عالميا يقوم أساسا على استعباد الناس بعضهم بعضا.
و سأقسم هذه المحاولة إلى ثلاثة أو أربعة أجزاء أتطرق فيها للنقاط التالية:
- تجليات “الدافع الأول” نحو السيادة و تطور دلالات شعاراته.
- مفهوم سيادة الشعب في تاريخية الظرف الراهن للحراك.
- ماهية ثورة السيادة ضمن شروط تحققها ورهاناتها